يستمد الأدب الموجه إلى الطفل تعريفه النمطي من كونه نوعاً من أنواع الأدب، وهو بهذا المعنى ينتمي إلى أسرة الآداب العربية التي يشملها النثر الفني والشعر والسرد بمختلف أشكاله. إلا أنه من هذه الناحية قريب من الفنون البصرية بأنواعها كافة، ووجود الفنون البصرية في أدب الطفل له قيمة خاصة واستثنائية. ويقصد بالفنون البصرية البدائل الكاملة والخيارات الفنية المتعلقة بالرسم والصور الفوتوغرافية والدراما التلفزيونية ومسرح الطفل والسينما. وفي كل هذه الفنون تمتزج النصوص المكتوبة للطفل مع تلك الفنون المخصصة لتقديم تعبير فني دلالي يخاطب الطفل ويمنحه أبعاداً معرفية وذوقية وتربوية عديدة.
إلا أن هذا الحضور الاستثنائي لأدب الطفل في إطار الفنون المرئية لا يجعلنا نغفل البرامج والدراما الإذاعية والصفحات المتعلقة بالطفل في الصحف والمجلات، وكذلك كتاب الطفل الذي يمثل حجر الزاوية في مخاطبة الطفل. ولا ننسى هنا عالم الوسائط المتعددة الرقمية التي خلقت فرصاً جديدة للتعبير، وكذلك التحديات الأخلاقية والتربوية التي لا يمكن تجاهلها.
وبناءً على كل ما سبق من أسباب، يمكننا أن نلاحظ التغيرات العاصفة في عالم الطفولة مقرونة بمؤثرات مختلفة، مما يستدعي معالجة الفوائد الجديدة والمتجددة، والتي نوجزها فيما يلي
التطويق المعرفي والإدراكي والفني لفنون التأليف والكتابة الحديثة لأدب الأطفال، وهو ما يتطلب سياقاً؛ مع الأخذ في الاعتبار التحولات المقنعة للنص المكتوب واحتمال أن يكون مكتوبًا ومرئيًا ومسموعًا في نفس الوقت؛
مخاطبة الطفل حسب المراحل العمرية المختلفة؛ ملاءمة النصوص المكتوبة لفئة عمرية من حيث حساسيتها النوعية ووعيها المعرفي ولغة الخطاب وطبيعة المؤثرات؛
مع مراعاة قواعد المعايير الفنية الحديثة دون إكراه وإكراه، الأمر الذي يتطلب التوازن والتوازي بين الكاتب والمخرج والمصور والفنان والموسيقي، حتى تكون النتيجة معبرة عن هذا التوازن؛
الموازنة بين الجانب العام والخاص، مما يعني البحث عن الخصوصية الثقافية التاريخية، مع الأخذ في الاعتبار أسباب الاستخدام الإبداعي للمنتج الإنساني في أدب الأطفال، وهناك أدلة تشير إلى أن الجوانب الخاصة ليس لها جمالها وأهميتها إلا من خلال مخاطبة العالم المفتوح وتوفير المصطلحات التعليمية والإبداعية المدرجة في صناعة الفن العالمية؛ و
المشاركة في عمليات الكتابة والإنتاج مع العالم الخارجي، حيث أن هذه الشراكة تكفي لتوضيح المزايا ذات الصلة لكل طرف والمنفعة المتبادلة على مختلف المستويات.
وبناء على ما سبق يمكن أن نستنتج القاسم المشترك في خصائص أدب الأطفال، والذي نلخصه في القول إن فن الكتابة ومخاطبة الطفل يرتقي ويرقي إلى مستوى الفنون المختلطة، والتي تكون تفاعلية في الحضور. وأكثر تفاعلية في المستقبل، حيث تختفي الحواجز بين أنواع الفنون في إطار أدب الأطفال، ويختلط الماضي والحاضر والمستقبل معًا. يتم كسر مثل هذه الحواجز أمام الأطفال من جميع الأعمار، ويتم إزالتها بواسطة التكنولوجيا الرقمية الحديثة.