وانطلاقاً من هذا السبب فإن الجوائز الإبداعية في واقعنا العربي شيء ممتع ومثير أن ندعو إلى قراءة ممتعة ومشوقة لكتب تفيض بالمتعة والتشويق من جهة، وبالكثير من الجدة والابتكار من جهة أخرى. هذا ما حدث بالفعل. فقد تشرفت بدعوة كريمة من إدارة ملتقى الناشرين العرب لكتاب الطفل، الذي أتمنى له كل التوفيق، حيث تلقيت دعوة كريمة من إدارة الملتقى، الذي أتمنى له كل التوفيق، حيث تم تكليفي بقراءة نقدية للأعمال الفائزة بجائزة الملتقى في دورته الثامنة لعام 2021م. وقد كنت أدرك تماما قيمة هذه الجائزة وأهميتها المعنوية قبل أهميتها المادية، فهي تخدم أدب الطفل وكتابته من جوانب متعددة، وهي الجوانب الفنية والموضوعية والإبداعية المهمة والأساسية وكلها تعنى بأدب الطفل وكتابته من حيث الكتابة والرسم والتصميم وصناعة الكتاب في عالمنا العربي الذي يشكو حقا من قلة التشجيع والدعم المطلوب لكتاب الطفل، من حيث الكتابة والصناعة والحضور. ومن ثم فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى عدم انتظام وضعف خطوات هذا الكتاب على الطريق الصحيح، وعلى أهدافه المنشودة، والوفاء اللازم للمستوى اللائق به، وتحقيق التلقي السليم والفعال للطفل العربي الذي يشكل أساس قواعدنا ومنطلقنا جميعاً لتنمية قدرات الطفل ومهاراته وتعزيز شخصيته ومكانته في واقعنا العربي.
لذلك فإن الجائزة، بغض النظر عن نوع الجائزة، في شكلها ووجودها الموضوعي والمعنوي والمادي، ستقدم كما هو مخطط لها ومطلوب ومنظور ومأمول في كل الأحوال، من أجل دعم هذا الجانب وتعزيزه، من اتجاهين متناسقين معا في الرؤية الصحيحة المتجلية في تقييم الإبداع وتميزه. في الاتجاه الأول يتم تقديمه في سبيل تذليل مجموعة من الصعوبات والعقبات والتحديات التي تقف في طريق الكاتب والكتاب وفاعليتهما، من جهة، وفي طريق الناشر وفاعليته، من جهة أخرى، ليتحقق بالنتيجة تعزيز الدعم المطلوب والتشجيع اللازم لصناع كتاب الطفل الجديد والمتجدد من كتاب ورسامين ومصممين وناشرين وموزعين.
كما أن الاتجاه الآخر الذي يتضمن إنشاء هذه الجائزة ووجودها يمثل اتجاهاً أساسياً وجوهرياً ومهماً وبالغ الأهمية، إذ ينبغي أن يكون محفزاً أساساً على الخلق والابتكار والتميز في روح الإبداع ومعناه ودلالته من خلال الدعوة إلى التنافس الإبداعي في الساحة ذات الصلة، وتشجيع التنافس المشروع بين المبدعين بكل مسمياتهم وميولهم، من أجل خلق وإيجاد النتاجات المتفوقة والمبتكرة والمدهشة والرائعة شكلاً ومضموناً من الإبداع الجديد في أدب الطفل والكتابة له. وهذا بدوره يشكل وحده علامة متميزة ومهمة من علامات الجائزة وأثرها على جوهر الإبداع والمبدع.
لأدب الطفل الآن اعتبار خاص وهام، فهو في المقام الأول يقدم لتحفيز همم وطاقات وخيال المبدعين المنخرطين في هذا الأدب بعمق، كما أنه يرقى ويرفع من شأنهم ومن شأن ما يبدعونه وينتجونه من أفكار وأساليب وخيالات وأشكال، تتجسد فيها روح جديدة من معاني الدهشة والإثارة والجاذبية للطفل المتلقي. وهذا هو ما يجعل كتاب الطفل وصانعه في حالة حيوية ونشاط دائمين، وفي سباق دائم للابتكار والإتقان وتحسين الجودة على حافة الإبداع وإنتاجه. وهذا ما يدفعنا أيضاً إلى مطالبة الجهات المعنية بالثقافة والأدب والإبداع وصناعة الكتاب والمحتوى الرقمي باستمرار، ودعوتها إلى فتح آفاق واسعة للسباق الإبداعي والمنافسة الجادة بإيجاد وإحياء المزيد من الجوائز الإبداعية، على أن تتجاوز هذه الجوائز الأطر الضيقة والحدود المقيدة للتنافس، كما نجد في بعض المسابقات والجوائز المحلية التي تحمل أسماء أدب الطفل، خاصة تلك التي لا أثر لها في الواقع العام لأدب الطفل العربي، كما رأينا واستنتجنا من نتائجها.
والحقيقة أن انتعاش وحيوية واقع أدب الطفل العربي يبقى مرهوناً بمدى انتعاش وحيوية الجوائز العربية الكبرى والمهمة التي يأتي وجودها متناغماً مع وجود المنجز الجديد لأدب الطفل، بحيث تحيي جوانب الإبداع والإبهار والابتكار في أدب وكتاب الطفل، إلى جانب إكسابها الحيوية والتميز دائماً.
لا شك أن الجوائز العربية الكبرى في أدب وكتاب الطفل، والتي تمثل حقيقة أخرى لا بد من ذكرها وإعلانها هنا، لها دور كبير في وجود نتاج إبداعي ومتميز لما يكتب وينشر ضمن هذا الأدب، فمثل هذه الجوائز تحفز طاقات الكاتب والرسام والمصمم والناشر وتدفعهم إلى الدقة والالتزام بمعايير الجودة والتجديد والحرص على ابتكار ما لم يسبق تقديمه في نتاجه الجديد. ولو تفحصنا طريقة تفكير أي من هؤلاء وسألناهم لوجدنا أن من أفكارهم وأمنياتهم أن تكون لحظة البدء في إبداعهم وصياغة منتجهم وخططهم وحرصهم على الجودة والتميز والإثارة، أن يصل هذا الإبداع المنتج إلى درجة متقدمة من الوجاهة من خلال الفوز بإحدى تلك الجوائز التي تواكب مكانة أدب الطفل العربي وتعزز من واقعه.
وفي هذه الحالة والواقع، لا نبالغ أبداً إذا اعتبرنا "جائزة ملتقى ناشري كتب الأطفال العرب" إحدى أبرز الجوائز العربية المرتبطة بكتب الأطفال في عالمنا العربي، إن لم تكن في مقدمة هذه الجوائز، إذ إنها من أهم الجوائز الجادة والرصينة والمهنية، بعد «جائزة اتصالات لكتاب الأطفال» و«جائزة عبد الحميد شومان لأدب الطفل»، خاصة أن جائزة الملتقى يقدمها ويمنحها كاتب عربي محترف وكفء ورصين. وهيئة متخصصة تحرص دائمًا على الترويج لكتاب الطفل العربي ونشره، والوصول به إلى مستوى عالٍ من الإبداع والتميز في صياغته وصناعته، ألا وهو "ملتقى ناشري كتب الأطفال العرب". إن هذا الملتقى يتمتع بمهنية ومدخلات ونشاط كبير، وهذا له فضل كبير وأثر واضح على الاهتمام المؤسسي والمجتمعي والثقافي المتزايد بكتاب الأطفال، كما أن له هذا الأثر وأكثر على تطور كتاب الطفل، واتساع نطاقه. لفهمها وتقديرها ونشرها واستقبالها في عالمنا العربي. يسعى المنتدى دائما إلى وضع خطط وبرامج فعالة وكفؤة ومتجددة للنهوض المؤكد بكتاب الطفل العربي شكلا ومضمونا، كما رأينا في معظم دور النشر التي تندرج تحت راية ومظلة منتدى شامل ومهني. حيث يعد هذا المنتدى الملتقى المهم والرئيسي لجميع الناشرين الرئيسيين لكتب الأطفال في عالمنا العربي، حيث يسعى ويحاول دائمًا تحسين معايير الجودة في كتب الأطفال من خلال خططه وبرامجه وأنشطته المستمرة والمتجددة في هذا الاتجاه. كما أن جائزة الإبداع التي تمنح سنوياً حتى عامها الثامن ما هي إلا خطوة علمية وعملية صادقة وجادة في هذا الاتجاه، وتمثل مساهمة فعالة في الثمار الناضجة التي خطط لها المنتدى وقدمها.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة، أصبح لدي الآن أربعة أعمال مهمة تمثل المنتجات الفائزة بجائزة المنتدى لأفضل كتاب للأطفال للدورة الثامنة لعام 2021، وجميعها تشكل قيمة مهمة ومتميزة لكتاب وأدب الطفل العربي . أتمنى أن أتعمق وأقضي المزيد من الوقت في قراءتي النقدية لهذه الأعمال المهمة، لكن المساحة المتاحة لي ستجبرني على اختصار وقت القراءة إلى حد معين، حتى لا أطيله، والمهم المهم أنني سأحاول هنا أن أحظى بقراءة مختصرة لتقديم قراءة نقدية موضوعية وفنية مستحقة لكل كتاب من هذه الكتب. (أمل) كتاب “الأمل” من تأليف أمل ناصر والرسوم هيا حلاوة، فيما يصدر في طبعته الأولى لعام 2020 في إصدار مشترك بين حكاية قمر ودار رمانة في بيروت، وهو الكتاب الأول الحائز على جائزة أفضل رسم، أذهلنا برسوماته الساحرة والأناقة الرائعة في تصميمه وطباعته، كما أبهرنا حجمه واختيار الورق المناسب والجيد النوعية، الأمر الذي من شأنه أن يحفز ويحفز شهية القراءة ويغري الطفل بالقراءة. المسه واحتضنه واقرأه برغبة وشغف واستمتاع معين، مع أن هذا الكتاب لم يكن موجهاً للطفل فقط، إذ أن الفئة المستهدفة من هذا الكتاب كما هو موضح في مقدمة صفحته الأولى (من سن الصفر حتى 100 عام)، وهو استهداف مضحك وصحيح حقًا، كما وجدته، لأنه يمثل الأمل الذي يدور في فلك الإنسان وفي ثنايا كل أيامه. ومن هنا فإن الأمل، سواء كان واقعاً أو خيالاً، هو تألق وحيوية الحياة في النفس الإنسانية وهو المغذ الأول والرئيسي للطاقة الإيجابية لدى كل منا. لا يمكن لأحد منا، في أي عمر، سواء كان كبيرا أو صغيرا، أن يتجاهل الأمل أو يتجنبه، فهو العنصر المحرك لنا ولكل طاقاتنا، والذي به نتشبث بالحياة ونعيشها. وهذا ما تجسد في نص الكتاب. أمل "الأمل" (فكرة ونص) حفزت الرسام والمصمم والناشر على المضي قدماً في طريق التميز والسماح لهذا الكتاب بالفوز بالجائزة.
قصة (أكاد أختنق) من تأليف مؤلفتها سحر شحادة ورسوم عطيفة عبد الله ونشرتها دار البراق لثقافة الطفل في العراق في نسختها الأولى لعام 2020 والحائزة على جائزة ( جائزة أفضل نص، كما وجدتها، تستحق هذه الجائزة حقاً، نظراً للنص الذي صاغه كاتبه، والذي يرتكز على حدث قصة مناسب وممتع. لقد تشكلت لنا وتجسدت بشكل حي، مع عدم الانحراف أو المبالغة في بنيتها النصية مقارنة بالبنية اللغوية والتعبيرية والنفسية التي نريدها، وذلك لمخاطبة الأطفال واستدراجهم إلى ما نكتبه لهم. وما نخلقه داخل كتابتنا، بما في ذلك العوالم التي لا تذهب، في أفكارها وطبيعتها وخطابها ولغتها وأنظمتها، إلى ما وراء الحدود الواسعة لعوالم الأطفال، والتي يصعب أحيانًا التنبؤ بمداها، لأن من الخيالات الساحرة التي تتخللها وتختلط بها وهذا الجانب يتطلب انسجامها مع سحر الطفولة وتكوينها النفسي والعاطفي المتغير باستمرار. ومن هنا فإن هذا التحول يجعل الكتابة مثل السحر، الذي لا تتحقق فعاليته الحقيقية إلا من خلال انسجامه وتماسكه مع سحر الطفولة وغرابتها، الذي يأسرنا ويثير انتباهنا ويجذب اهتمامنا والتفاعل معه إلى حد الدهشة والدهشة. التأمل.
هذا ما تناولته الكاتبة سحر في قصتها، عندما انخرطت في أحد الأحداث (المألوفة وغير المألوفة) في عوالم الطفل، في حركاته وسكونه، عندما أخذتنا إلى جانب من هذه العوالم بأبعادها الواقعية والخيالية، بلغة بسيطة وسرد مشوق، من شأنه أن يغذي الواقع بلمسات خيالية لا تبتعد كثيراً عن هذا الواقع وأوصافه، فيتوافق معه ويصوره بكل جوانب جماله. والتمتع بها. وهكذا أتاحت لنا أن نطير بلغتها إلى قصة "وسيم"، ذلك الفتى المشاغب بحركاته ومواقفه وتصرفاته المضحكة والمخيفة أحياناً، وهو يلعب بأمور المنزل بهيمنته وعواطفه، لكي وجعلها تحت سيطرته حسب ما يريد في عمل أقرب إلى الإنسانية العاطفية بالنسبة له حيث تستجيب هذه الأشياء لعواطفه بحرية كاملة في الحركة والفعل مما لا يجعله يختنق ولكنه يشعر بالاختناق مرة أخرى إذا تم تقييده بمستوى محدود من الحرية والحركة والعمل. وعليه سعت الكاتبة وكافحت، حتى نجحت في قيادتنا واستدراج الأطفال معنا، إلى قصص وأحداث ليست بعيدة عن مشاعر الأطفال وسلوكياتهم العامة، المعروفة في المنزل، خاصة لدى الأطفال المصابين بفرط النشاط في حركتهم وتفكيرهم ولعبهم، وهو ما نعتبره في كثير من الأحيان (إثارة للمشاكل)، إذ نعتبره في تقديرنا إثارة للمشاكل الإيجابية، على الرغم من ما يثيره وينتجه من آثار سلبية على بعض الأشخاص داخل المنزل. أما من الناحية الأخرى للعاطفة النفسية والعقلية، وحتى من الناحية العقلية والسلوكية، فهي تعتبر مشكلة ابتكارية واستكشافية، مما يزيد من طاقات الطفل الفكرية والتخيلية، كما يزيد من نتائجه العقلية والإبداعية. وهكذا كانت نهاية عناء بطل القصة (وسيم) عندما تم ترويضه بواسطة (الموسوعة العلمية) وبدأ في التعرف على المواقف والصور والأبطال التي يحتويها هذا الكتاب، حتى أصبح قارئاً مبدعاً، وتعلمت كيف يروض مشاكله ويتحكم في حركته في الاتجاه الصحيح والإبداعي اعتمادا على القراءة ووفقا لهذا الكتاب. وكانت هذه هي الفكرة التي اختتمها النص وجمالياته الرائعة التي نشيد بها الكاتبة ونثني على خيالها في إخراج هذا النص، كما نقدر حرص الناشر وطاقته الإبداعية والمتميزة في تصوير وتصميم الكتاب و كيف يتم توجيهه بهذا الشكل الجميل.
أما قصة (حيث طارت الكلمات) فهي من تأليف مؤلفها مهند العقوس، والصور من إعداد الدكتورة أميرة الطباعي، فيما تصدر عن دار نور المعارف للنشر والتوزيع في عام 2016. القاهرة في نسختها الأولى لعام 2020، الحائزة على جائزة كتب الطفولة للفئة العمرية (أقل من 12 سنة)، هي قصة مكتوبة بشكلها الجمالي والموضوعي والفني، حيث أنها صيغت بشكلها الساحر كتاب يحقق عناصر الجودة بكافة المعايير الفنية في الطباعة والإخراج والتصوير والتصميم واختيار الورق بجودته وملاءمته لهذه الفئة التي وجدناها تنافس أفضل الإصدارات العالمية لكتب الأطفال. ولذلك فهي بهذا الشكل لا تقل روعة وجمالا وسحرا عن سابقاتها هي القصص الفائزة. وفيما يتعلق بالنص، فهو نص مثير للإعجاب. وبعد أن أذهلنا عمله وصناعته ككتاب أطفال مبهر، يبهرنا الكاتب هنا بنصه العميق والبسيط والساحر، الذي يقترب من النصوص العلاجية المهمة في أدب الأطفال. ثم يأخذنا إلى قصة ذلك الطفل المبتلى بصمته العميق أمام ثرثرة إخوته وأحاديثهم الطويلة المتواصلة الهادرة طوال الوقت. فمثل هذا الطفل لم يتمكن من إطلاق الكلمات التي ترسبت في أعماقه وتراكمت أمام صمته، مما منعه من الحديث والتعبير. إلا أنه لم يكن صامتاً داخلياً، بل كان ينطق ويقول الكلمات كلما مر بالحالات والمواقف الضرورية. ثم يأخذنا الكاتب في جولة داخل هذا الطفل (بطل القصة)، في حديثه الداخلي بعمقه، وصمته الخارجي بمنظور الأشياء وتفاعلاتها الشخصية والعامة بداخله. وأدى ذلك إلى انتصاره على صمته الداخلي واحتفاله مع إخوته بقول كلماته ونطقهم برنينها الطبيعي في الفضاء الصوتي. وقد صور الكاتب وصوّر كل هذه الجوانب بطريقة حية وواقعية وخيالية، وكذلك بلغة شعرية شيقة أضافت إلى نصه الكثير من الإثارة التي تجذب المتلقي وتغريه بمواصلة القراءة والاستمتاع بالنص. جمال هذا النص وجودته.
أما العمل الرابع والأخير فهو قصة (الملكة سهيلة) التي تستهدف فئة الشباب، كما حددها فوز الكتاب بالجائزة في هذه الفئة (12-16 سنة)، أو كما ورد على غلافها (أ). رواية للشباب) وهي من تأليف رانيا حسين أمين وهي التي قامت برسم رسوماتها وغلافها أيضاً. صدرت هذه الرواية بالاشتراك بين دار نهضة مصر للنشر والتوزيع والطباعة بالقاهرة ومنظمة المرأة العربية. ومن المعروف أن نهضة مصر من أقدم وأهم دور النشر المتخصصة في كتب الأطفال وتحرص دائما على إنتاج كتب أطفال متميزة من حيث جودتها ومن بينها على الأغلب هذه الرواية التي تتحدث عن بفكرها وفعالياتها عامة الفتيات، حيث نجد اليوم أن كل فتاة تفكر وتبحث عن الجمال بكل أشكاله ومعانيه، وخاصة جمال المظهر، كما تسعى إليه الأفعال وإظهار المواقف ومن خلال أحداث هذا المسعى، على يد بطلة رواية "ميراندا" التي كانت مدفوعة برغبتها وبدونها، وبتشجيع من والدتها، للوصول إلى مستوى الجمال الذي تريده بعد الإعجاب بنفسها، إذ جسدت الكاتبة نفس الشيء وحتى عمداً باختيار اسم البطلة “ميراندا” وهو اسم لاتيني يعني الفتاة التي تستحق الإعجاب. ولكن في نهاية القصة أدركت البطلة تماماً أن الجمال الحقيقي هو ذلك الجمال الكامن داخل الفتاة، ولهذا السبب وجهت الكاتبة للقارئ، من الفتيات والفتيان، أكثر من رسالة في هذا الصدد و صوّر واقع الجمال ومعناه الحقيقي والطبيعي، في صور مختلفة، لم يكن الكثير منها نمطياً. ثم أراد الكاتب تنبيه الشباب والشابات وأسرهم إلى الجمال الحقيقي الذي يجب مراعاته ورؤيته في التكوين الإنساني الداخلي من طاقات ومهارات الفتيات والفتيان. وهذا شيء جيد تجسد في صفحات الرواية، لكن في المقابل رأينا عدة عبارات سردية لا يمكن قبولها أو مرورها مرور الكرام، مثل: (اعتبرهم كالحشرة… تدوس عليهم بحذائك) - ص16)، (نظرت أمامي لأرى سهيلة ووالدتها يسيران نحونا وسهيلة مسجلة معي في الفصل وهي أقبح فتاة وأقلها شعبية وهذا ينطبق على سهيلة وصديقاتها الأربعة). الذين لا ينجحون مثلها عادة، لا أتحدث معها على الإطلاق، لأنني لا أنزل بنفسي إلى هذا المستوى المنخفض، وبالطبع أضع نفسي في منصب أعلى منها تصادق أمها لنفس السبب - ص 24)، و (أتعجب دائما عندما أرى سهيلة ووالدتها معا في هذه الحالة المحبة والمثيرة للشفقة. لا أفهم كيف تتحمل هذه الفتاة نفسها وكيف تتحمل حياتها؟ ، بينما ولدت بهذا الوجه البائس؟ لو كنت أشبهها لدفنت نفسي تحت التراب قبل أن يراني أحد - ص. 26). ولا يمكن قول مثل هذه التعبيرات أو قبولها كتابيًا للأطفال والشباب. فما هي الأهمية التي قصدها الكاتب منهم؟ كما أنه لا يمكن كتابياً أن يعتبر الأطفال فقدان الذراع أو القدم مصدراً للضعف، كما جاء في الرواية: (... سنتحدث ونبتسم كالأشخاص العاديين... هل تنقصكم ذراع أم قدم؟ لماذا ظهر هذا الضعف؟ بالإضافة إلى ذلك، هناك عبارات أخرى لا يفترض ذكرها في اللغة المستخدمة للأطفال والشباب ولا يمكن تناولها من خلال الأدبيات الموجهة لهم. وهنا لا داعي لقراءة أعمق لهذه العبارات وغيرها، وأستغرب كيف غاب الخبير في الرواية عن هذه النقطة قبل نشرها. ونتيجة لذلك، سأخصص جهدي في وقت، وفي مكان آخر لهذه الرواية لتقدم قراءة نقدية أوسع وأعمق، إن شاء الله.