لكل زمن ظروفه وأسلوب حياته، وعلى الإنسان أن يكون مرناً بما يكفي ليعيش أي ظرف. إن توقف الأعمال والخسارة التي يواجهها العالم والتأثير النفسي والاجتماعي للحجر المنزلي الإلزامي للأشخاص في منازلهم بسبب جائحة كوفيد-19، أثر بلا شك على العالم أجمع، سواء أفرادًا أو عائلات، مؤسسات وحكومات. وكان قطاع النشر في العالم العربي من أهم القطاعات التي تأثرت بشكل كبير، حيث أصيبت صناعة النشر بالشلل منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
باعتبارنا صاحب دار نشر تهتم بأدب الأطفال قررنا دعم القارئ فأطلقنا مدونة بعنوان (#معا_عن_بعد) قدمنا من خلالها بعض منشوراتنا للقراءة الرقمية المجانية ونظمنا مسابقة للكتابة الإبداعية . ومن ثم، قمنا بعقد جلسات قراءة للأطفال والشباب، بالتعاون مع مؤسسات في الدولة، مثل مكتبات أبوظبي، والمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وثقافة بلا حدود، ووزارة الثقافة. وتنوعت تلك الجلسات، فبعضها تم تسجيله سابقاً، وبعضها قدم بشكل صوتي فقط، ومنها جلسات بث مباشر مع الأطفال.
بالنسبة لنا في الفلك للترجمة والنشر، كان للتجربة الثقافية لجلسات القراءة الرقمية المباشرة الأثر الأكبر علينا وعلى الأطفال. اكتسبنا خبرة التعلم والتفاعل مع الأطفال رقميًا. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نؤمن بأن مثل هذه الجلسات تحقق أحد أهم أهدافنا، وهو غرس سلوكيات القراءة لدى أطفالنا. وبالتالي فإن التفاعل المباشر معهم يتيح لهم حب القراءة. لم نقرأ ونروي القصص فقط، بل أجرينا معهم مناقشات حول ما قرأناه، فتأكدنا من قدرة أطفالنا على الفهم والتحليل والمناقشة والسرد الإبداعي.
وعلينا كدار نشر تهتم بأدب الأطفال العربي أن نستفيد من المحتوى الذي أنتجناه قبل الأزمة في مثل هذه الجلسات القراءة، حتى نحيي حب القراءة في نفوس أطفالنا، ولا ينبغي أن نقلق من ذلك. انخفاض حاد في عدد المطبوعات والمبيعات خلال عام 2020. ولذلك فإن ما سنجنيه من تشجيع وتحفيز أطفالنا على القراءة من خلال جلسات القراءة الرقمية هذه هو أعظم وأنجح استثمار يمكن القيام به خلال هذه الأزمة.