لطالما كانت القراءة منذ القدم من أهم وسائل التعلم الإنساني لاكتساب المعرفة ومهارات تطوير الذات وتعميق الخبرات. ولطالما كانت القراءة أداة لصقل الإنسان وتنميته. ولا تزال تحظى بالتقدير والعناية الواجبة من قبل الأفراد والمنظمات والحكومات. وقد تأكد الارتباط الوثيق بين تقدم الشعوب واهتمامها بالقراءة، فهي أداة لفهم الواقع والتخطيط لضبطه وتطويره، بل وإرساء قواعد واقع جديد يتلاءم مع ظروف المجتمع وحاجاته المتجددة ومطالبه المختلفة. ولا يمكن أن تتحقق التنمية دون القراءة والانفتاح على الكتب ومتابعتها. فالكتب هي خلاصة التجربة الإنسانية والإبداع الإنساني. (1)
وللأسف الشديد، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لمجتمعاتنا العربية التي لا تزال متخلفة في هذا المجال. فمجتمعاتنا لا تنشر إلا عدداً قليلاً جداً من الكتب والمجلات، مع إهمال واضح للثقافة الإنسانية والفنون الجميلة. أما نصيب المواطن العربي من القراءة فلا يتجاوز 6 دقائق سنوياً، مقارنة بـ 36 ساعة في أوروبا، وذلك لغياب السياسات الحكومية لمعالجة الظاهرة
فوائد القراءة
اكتساب التوازن اللغوي;
دعم التعلم المدرسي;
تحسين القدرة على فهم الآخرين؛ و
تعزيز الإبداع.
معوقات تداول الكتاب:
تقدم تقارير التنمية البشرية صورة سيئة عن وضع الكتاب والقراءة في البلاد العربية وتحذر من تراجعها بناء على الظروف الصعبة التي تمر بها أمتنا. وأسباب هذه الحالة عديدة وسنلقي الضوء على بعضها على النحو التالي:
فالنظام التعليمي لا يشجع على القراءة الثقافية، فالأطفال الفقراء والريفيون لا يقرأون إلا الكتب المدرسية والأسرة تنظر إلى الكتاب من منظور نفعي. هل هو ضروري للمدرسة؟ هل طلبه المعلم؟ إذا كانت الإجابة لا، فلا داعي للقلق بشأن توفيره. الثقافة الشفوية منتشرة بين هؤلاء الأطفال. ولها حضور قوي في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والفنية والثقافية والدينية. فالنقل الشفاهي للمعلومات هو السائد، الأمر الذي من شأنه أن يرسخ في أذهانهم صورة سلبية عن الكتاب الثقافي ويبعدهم عن قراءة النص المكتوب.
فكيف يمكن لشخص نشأ على إهمال الثقافة المكتوبة والتقليل من قيمة الكتاب أن يساهم في ترويج الكتاب واستخدامه وقراءته؟ إن ظاهرة العزوف عن القراءة مرتبطة بالطفولة المبكرة، منذ سنوات الطفولة الأولى حتى قبل الذهاب إلى المدرسة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نخلق جيلا قارئا ما لم نضع خططا فعالة لتشجيع الصغار على القراءة في مؤسسات التعليم الابتدائي والمراحل الأولى من التعليم الأساسي، لتكون القراءة هواية فردية ومصدرا للمتعة الحسية والذهنية. بل يمكننا أن نبعدهم عن مصادر المعرفة الشفهية كالتلفزيون والثقافة الترفيهية كألعاب الفيديو.
النشر المكتبي: غالباً ما يأخذ الإقبال على الثقافة في بلداننا شكلاً عرضياً. ففي شهر رمضان يتم الترويج للكتاب الديني، وفي الامتحانات يتم الترويج للكتاب الموازي للكتاب المدرسي. وفي الصيف يتم الترويج للكتاب الترفيهي والفني. أما النشر فيأخذ الأمر نفسه في معظم الأحيان، ولا توجد خطة للناشرين لدعم القراءة وغرس الإقبال عليها في نفوس الأطفال والشباب على وجه الخصوص. بالإضافة إلى ذلك فإن أسعار الكتب لا تراعي القدرات الشرائية للمواطنين ذوي الدخل المحدود وخاصة الأطفال والشباب. وتبقى الكتب الأدبية التي يميل إليها الشباب، مثل الروايات والمجموعات القصصية، بعيدة عن قدرتهم الشرائية.
مساحات القراءة: مساحات القراءة مفقودة. فالمؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية التي تضم ملايين الأطفال لا يصلها الكتاب الثقافي. ففي هذه المؤسسات لا توجد فضاءات مناسبة للقراءة، باستثناء قاعات باردة وجافة لا تتسم بالحيوية والترفيه والجاذبية، ولا تستطيع مقاومة المنافسة الشرسة للوسائل الحديثة والترفيهية. وغالباً ما تسند إدارة المكتبات المدرسية إلى موظف غير متخصص أو رجل عجوز متعب أنهكته سنوات العمل. يعامل الأطفال بجفاف وينفرهم من الدخول إلى فضاء القراءة.
طرق لحث الطلاب على القراءة:
وبالإضافة إلى هذه التجارب والمبادرات التي تهدف إلى نشر عادة القراءة في الهيئة الاجتماعية وتشجيع الناس على حب الكتاب، فقد ابتكر المربون طرقاً عديدة لتعويد الصغار على القراءة، إيماناً منهم بأهمية فترة الطفولة في اكتساب هذه العادة الحميدة. ومن هذه الطرق ما يلي:
الجواب في الكتاب: وقد يسأل الطالب سؤالاً عن موضوع ما، في الفلك أو الطب أو التاريخ أو الأدب أو غيرها، وقد يتكرم المعلم فيقدم الإجابة للطالب، أو أفضل من ذلك أن يقترح عليه الكتاب الذي يجد فيه الجواب. وفي ذلك استغلال لدوافعه الذاتية التي من شأنها أن تساعده على اكتساب مهارة التعلم الذاتي، وربما تحويلها فيما بعد إلى أسلوب حياة.
التعزيز الإيجابي لسلوك القراءة: وذلك من خلال دعم الاستجابات السلوكية القرائية التي يبديها الصغار من خلال شكرهم والثناء عليهم لفظيًا، أو من خلال ما يمكن أن يقدم لهم من هدايا مادية أو ميداليات مدرسية أو جوائز ومكافآت مهما كانت قيمتها، فهي مصدر فخر واعتزاز للصغار وهي مهمة في تعزيز السلوك القرائي لديهم.
إقامة معارض الكتاب: يجب أن يكون الفضاء المدرسي مجالاً لترويج الكتاب الثقافي والتعريف به لدى الطلاب. إن تنظيم معارض الكتاب عمل مشوق وممتع خاصة عندما يشارك الطلاب في إدارتها والترويج لها. كما يمكن دعوة أولياء الأمور والفعاليات الثقافية والفنية إلى هذه المعارض، لأن ذلك من شأنه أن يزيد من حماس الأطفال والشباب للقراءة. ومن المستحسن أيضًا أن تقدم المعارض عروضًا ترويجية بأسعار مناسبة للتشجيع على اقتناء الكتب.
استراحة القراءة: تفادياً لإجبار الطلاب على القراءة مما يولد الملل والنفور منها، يقترح بعض المربين تخصيص استراحة بين الحصص الدراسية وتخصيصها كوقت للقراءة الحرة. ويختار الطلاب ما يعجبهم من الكتب التي تكون قراءتها مصدر متعة واسترخاء لهم لتخليصهم من مشقة الدرس. تجذب هذه القراءة في الغالب انتباه الطلاب واهتمامهم.
ألعاب القراءة: يُنصح بإدراج ألعاب القراءة ضمن دروس القراءة الحرة كلعبة التخمين مثلاً بطرح أسئلة عن غلاف الكتاب ورسوماته، وذلك لحث القارئ على تخيل موضوع الكتاب. كما ينبغي تنفيذ سباق قراءة فردي أو جماعي لحث الطلاب على التنافس على قراءة أكبر عدد ممكن من الكتب وتقديم تقارير عن الكتب التي تمت قراءتها، مع توفير ألعاب أخرى مسلية تهدف إلى التشجيع على القراءة.
استراحة القراءة: تفادياً لإجبار الطلاب على القراءة مما يولد الملل والنفور منها، يقترح بعض المربين تخصيص استراحة بين الحصص الدراسية وتخصيصها كوقت للقراءة الحرة. ويختار الطلاب ما يعجبهم من الكتب التي تكون قراءتها مصدر متعة واسترخاء لهم لتخليصهم من مشقة الدرس. تجذب هذه القراءة في الغالب انتباه الطلاب واهتمام