inner-banner

المقالات

المقالات

هل فرض قيمة المشاركة على الأطفال يعلمهم المشاركة؟

author
د.رنا الصيرفي

من المواقف المتكررة في عالم الأطفال أن يطلب الطفل من الطفل الآخر أن يشاركه ألعابه، فإذا لم يتلق الاستجابة المطلوبة يبكي. وكثيراً ما تجد الأم نفسها محرجة في مثل هذا الموقف، وإذا لم يشارك طفلها ألعابه، فقد تخشى أن يظهر سلوك طفلها صورة سلبية عن شخصيتها لأنها لم تربيه بشكل صحيح. ولذلك يجوز لها أن تطلب من ابنها أن يشاركه ألعابه، فإذا لم يستجب قد تهدده، أو تجبره على ذلك.

لكن هل سلوك الأم يعلم الطفل قيمة المشاركة؟

في الواقع، هذا السلوك ليس فقط عديم الفائدة لتعليم قيمة المشاركة، ولكنه ينقل أيضًا رسائل غير صحيحة وضارة للطفلين. أما الطفل الذي يملك اللعبة، فإن أخذ اللعبة منه أو تهديده بأخذها يخالف مفهوم الملكية. ولم يعد الطفل يفهم أن لكل إنسان احتياجاته وممتلكاته الخاصة، وأنه يجب عليه الحفاظ عليها. بل قد يستنتج أن ما يملكه هو أو غيره يمكن أن ينتزع منه متى كان قوياً. إن هذا السلوك الذي كان المقصود منه تعليم الطفل قيمة المشاركة لن يحقق الهدف المنشود، لأنه كان قهريا ومفروضا على الطفل ولم يفعله بمحض إرادته.

يحتاج الأطفال، وخاصة في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم، إلى فهم وممارسة مفهوم الملكية والخصوصية، وهو مفهوم يعززه احترامنا لألعابهم وممتلكاتهم البسيطة ولا نقلل من شأنها. ويساعدهم هذا المفهوم على تحمل مسؤولية ممتلكاتهم والمحافظة عليها كمبدأ أساسي في حياتهم. ومن ثم فإن ذلك من شأنه أن يؤثر أيضًا على معاملتهم واحترامهم لممتلكات الآخرين. أما مفهوم المشاركة فهو يقوم على فهم الطفل لمفهوم الملكية؛ بحيث يمكن نقل الطفل من التفكير في نفسه إلى التفكير في الآخرين ويتخذ الطفل القرارات بناءً على ذلك.

وفي المقابل، فإن الطفل الذي يطلب لعبة الطفل الآخر ويحصل عليها نتيجة بكاءه، يتعلم أنه بالبكاء يحصل على ممتلكات الآخرين، وله الحق في أخذها ولو لفترة قصيرة. عندها يفقد قيمة الاهتمام باحتياجات الآخرين والشعور بآلامهم.

يمكننا إيصال قيمة المشاركة للطفل وتدريبه بشكل صحيح بطرق بسيطة، مثل تشجيعه على مشاركة ألعابه مع الطفل الآخر ليقضيا وقتاً ممتعاً معاً، أو يمكن للأم إعداد بعض الألعاب التي تساعد في عملية المشاركة، مثل: توفير أدوات اللعب بالرمل التي تكفي عدد الأطفال الحاضرين، أو تتفق الأم مع طفلها مسبقاً على الألعاب التي سيتم مشاركتها مع الأطفال الآخرين. أما إذا رفض مشاركتها مع الطفل الآخر فيجب أن نحترم رغبته، على أن نستمر في تعزيز مفهوم المشاركة لديه وتشجيعه. وأهم طريقة هي أن يمارس الآباء هذه القيمة أمام أبنائهم، حتى يتعلمها الأطفال من خلال الممارسة.

أما بالنسبة للطفل الذي يطلب اللعب بلعبة الطفل الآخر، فمن المهم أن يتعلم هذا الطفل استئذان صاحب اللعبة، واستخدام الكلمات المهذبة في هذه الحالة، وقبول رفض الطفل إذا رفض المشاركة. اللعبة معه، حتى يتعلم احترام ملكية الآخرين واختياراتهم.

المشاركة لها وجهان؛ الطفل الذي يملك اللعبة والطفل الذي يريد مشاركتها، وكلاهما يحتاج إلى تعلم أسس المشاركة الصحيحة.

bg-element

المقالات

مقالات ذات صلة

عرض الكل
المقالات
news-card

قراءة نقدية للأعمال الفائزة بجائزة ملتقى ناشري كتب الأطفال العرب - الدورة الثامنة لعام 2021

وانطلاقاً من هذا السبب فإن الجوائز الإبداعية في واقعنا العربي شيء ممتع ومثير أن ندعو إلى قراءة ممتعة ومشوقة لكتب تفيض با

author
عبد الحميد شومان
اقرأ أكثر
news-card

تزوير الكتب

القضية قديمة، ونواجه نفس الأمر كل عام في معرض القاهرة الدولي للكتاب في مواعيده القديمة الأسبوع الأخير من يناير والأول من

author
يوسف القعيد
اقرأ أكثر
news-card

خصائص أدب الطفل

يستمد الأدب الموجه إلى الطفل تعريفه النمطي من كونه نوعاً من أنواع الأدب، وهو بهذا المعنى ينتمي إلى أسرة الآداب العربية ا

author
د. عمر عبد العزيز
اقرأ أكثر